الاثنين، 2 نوفمبر 2009

مدارس بلا أسوار من أسرار تطور الغرب


وجهة نظر ساخرة
مدارس بلا أسوار من أسرار تطور الغرب


د.محمد رحال.السويد.
8 يونيو 2009

لم اكن اتخيل اطلاقا عندما قدمت الى السويد منذ مدة طويلة , لم اكن اتوقع ان هذه الابنية الفخمة جدا وذات الشكل الجميل انها مدارس , والشيء الذي لم اكن اتخيله اطلاقا ان تكون تلك المدارس بلا اسوار , وحينها حضرتني مناظر المدارس في بلداننا والتي هي صورة عن القلاع الضخمة , بل وان اسوار بعض المدارس هي اكثر حصانة من اي قلعة قديمة , والتي تكون في العادة محمية ومراقبة بشكل ممتاز حيث يمثل الاعتداء عليها اعتداء على الذات المقدسة للرب الحاكم في تلك البلاد , وهذا السور العالي جدا يمثل همّا لدى الطلبة الدارسين حيث ينحصر تفكير غالبية الطلاب في الكيفية التي يقفزون فيها خارج هذا السور , فالاسوار لاتقام الا للسجناء ,وحتى السجناء في الغرب لم يعد لهم سور , والاعداد الكبيرة التي تسجل في حالة لكسر الرجلين او اليدين او الشلل بسبب هذا القفز هي اعداد وحالات كثيرة, ومع ذلك فان حالات الهروب والتسرب من هذه المدارس المحصنة تشهد تزايدا وتصاعدا , في الوقت الذي تكاد نسب التسرب ان تنعدم في المدارس الاوروبية غير المسورة والمفتوحة من كل الجهات , وهذا يدل دلالة واضحة على ان هذه الاسوار والتي في العادة تكلف اربعة أضعاف المدرسة الاصلية وتزيد , هي عبء في المصاريف , وفشل في التفكير , ونقص في خبرات التعليم والذي تصر قيادات البلدان التعليمية في البلدان العربية على انها اساليب متطورة , وان الاساليب المستخدمة في هذه المدارس هي اساليب في الغالب مترجمة حرفيا من الاساليب التعليمية والتربوية في بلدان الغرب مع تغيير الاسماء الاجنبية إلى عربية.

ومع هذا الفشل الشديد في الارقام فان الاجهزة الحاكمة غير مستعدة أبدا لدراسة تطوير التعليم الفاشل في بلدان البط السعيد , وهو أمر لا أعتقد انه سيكون في يوم ما وذلك لأن فاقد الشيء لايعطيه , وذلك لأن الفشل في التعليم ليس قاصرا على المناهج العرجاء التي ترجمت من الغرب والقيت على رؤوس ابناء امتنا دون مراعاة للثقافة التي يتلقاها الطفل في المجتمع والتي تختلف عن تلك الثقافة المترجمة ولهذا فان المتلقي لهذه الثقافة سيحس بالفارق المباشر , مما يخلق لديه نوعا من انواع ازدواج الشخصية منذ بداية تكوينه العلمي , وانتشار الفساد التعليمي في هذه المدارس كان سببا هاما في عدم وصول اصحاب المؤهلات ووضعهم في مكانهم الطبيعي , ولن ننسى ابدا ان المقعد الدراسي والذي يحتاج من الطالب ان يجلس عليه سجين هذا المقعد فانه يحتاج الى عامل الجذب الذي يجعل من هذا المقعد كرسي راحة واستقطاب وليس كرسي تعذيب يتوق للدقيقة التي يغادر فيها هذا الكرسي , ولهذا فقد تفننت الاجهزة التربوية الغربية ومن ورائها الدولة في التطوير الدائم والمستمر , وابحاث تطوير التعليم متوالية لاتنقطع وأحدث طرق تجريب كافة صنوف هذه الطرق تجرب في مخابر طلابية خاصة , وطرق إغواء وإغراء التلميذ متنوعة , ولهذا فليس غريبا أبدا أن تجد الطفل الاوروبي هو من يسعى لهذه المدارس , فتراه يصحو باكرا بالرغم من أن درجات الحرارة في بعض البلدان قد تنخفض الى مادون الثلاثين درجة تحت الصفر , ومع هذا فإن النشاط وحب الذهاب الى المدرسة هو هاجس الطلاب , ومن المؤسف أن نجد أن مستوى العطاء لدى المعلم العربي قد يتجاوز مستوى العطاء لدى المعلم الغربي وأحيانا بأضعاف مايمنحه المعلم الغربي , ومع ذلك فإن نسب الهروب والتسرب هي في ازدياد , ولقد ساهمت وسائل الإيضاح والالألعاب ووجبات الطعام المدرسية في الحفاظ على الطفل في مدرسته حتى إن دولة كالسويد تجعل وجبات الأغذية من أشهى الوجبات ,ومعها الحليب كوجبة شبه إجبارية توضع في غالبية المدارس السويدة في براميل ضخمة, فيفتح التلميذ صنبور الحليب ليشربه بدلا من الماء , في الوقت الذي مازالت فيه قيم العصا لمن عصا هي القيم السائدة في مجتمع البط السعيد , ليعامل اطفالنا في تلك المدارس على انهم مجرمين ليس لهم الا العصا لانها وكما يقول خبراء التعليم في بلدان البط السعيد ومعهم رجال الشرطة ان العصا خلقت من الجنة , وحشروا في سجون كتب عليها وزارة التربية مرافقة لأسم شهيد او زعيم , وكان من المفروض ان تسمى الاسماء بمسمياتها ليكتب عليها سجون وزرات التربية ومعها اسم لشارون او بيرز او ليفني او ايهود باراك او بوش او بريمر او جواد المالكي او صولاغ جبر .

والغريب أن هم التعليم في الدول الاوروبية هو هم لايدخل في المناقشات الحامية لبرامج الدول الغربية باعتبار أن تعليم وتطوير برامج التعليم هي أمور مشتركة بين كافة الأحزاب ولاتقبل أبدا المساومة , حيث إن الاستثمار الحقيقي للحكام وللدولة هو في المواطن المتعلم , وتحرص هذه الدول على استيراد خيرة المعلمين من مختلف أنحاء العالم من أجل رفع مستوى التعليم وتطويره , وهو أمر لاتقف هذه الدول أبدا في طريقه , حتى ولو مسّ أمنها الديمغرافي أو الوطني , فالتعليم في الدول الغربية ليس سجونا , وليس عصيا , وليس دعوات الى فرنسة المعلمين , او انكلزة التعليم , او المنة التعليم كما يحصل في بلدان البط السعيد لنجد ان مستويات التعليم والتي ارتفعت قليلا منذ أكثر من ثلاثة عقود وكل فيها التعليم لبعض رجالات متنورين , لتنخفض إلىمستويات دنيا بعد الدعوات الاقليمية الضيقة والتي تعبر عن عنصرية وجهل وضيق أفق وشعارات جوفاء لم تثمر إلا عن تدمير الأجيال الجديدة من الطلاب , فالدعوات الى سعودة أو مصروة أو كتوتة أو قطقطة أو بحرنة أو جحشنة التعليم ليس إلا نوع من أنواع الترف الإقليمي والفراغ الذهني غير المحسوب العواقب , فكم من معلم مختص طرد من عمله في دولة عربية بسبب ان خريج جديد من تلك الدولة عديم الخبرة واسع الطومح لاي منصب حمل شهادة برتبة مقبول ودون خبرة , وكأن الدولة اجتازت في قوتها كل وسائل التطور لتطرد اصحاب الخبرات وتضع بدلا منهم حملة الشهادات من اهل البلد وليس لشيء إلا من أجل شعارات دمرت وحدة أمتنا ورسخت الاقليمة البغيضة فلاهم نجحوا في إقليميتهم , ولاهم طوروا التعليم , ولاهم نفعوا غيرهم , وأنهوا البلاد إلى خراب شديد وقتلوا بأيديهم أبنائهم وابناء وطنهم وجلدتهم فقط من أجل أن ينعموا بنعمة التخلف مضافا إليها إشعال أفكار الاقليمية والتجزئة في شعب رفعه الله بالاخوة ومزقوه بالاقليمية (...) ولاأدري كيف يدعي هؤلاء التطور والعلم وهم صندوق الجهل وعفنه , بل وهم ابو الجهل وسوطه(...)
نشر :مدونة الواقعية الجديدة - http://mtaj.maktoobblog.com
إعادة نشر :مدونة ضدّ العنف في الوسط المدرسي (بتصرف)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق