الأحد، 1 نوفمبر 2009

لا للتسيب في المؤسسات التربوية



النفطي حولة : ناشط سياسي ونقابي : 26 أكتوبر 2009



كثيرة هي التجاوزات الاخلاقية والتربوية التي تحصل في الحقل التربوي سواء في المدارس أو في المعاهد. وكثيرهم الأساتذة والمعلمون والمربون بصفة عامة الذين تعرضوا لعمليات تعنيف مادي ولفظي وأهينوا في كرامتهم أمام مرأى ومسمع من التلاميذ بل من التلاميذ من تطاول على مدرسيهم . وكثيرهم الأولياء الذين مارسوا العنف المادي واللفظي ضد المدرسين بل ضد المديرين أحيانا .وعلى سبيل الذكر لا الحصر سأستشهد بماحصل أخيرا في معهد المحمدية بحي القصر حيث اقتحم عونا حرس المعهد مصطحبين معهم العمدة مهددين متوعدين الأستاذة التي حسب زعمهم تسببت في طرد ابنة أحدهم بثلاثة أيام .وكانوا ثلاثتهم في حالة هيجان وانفعال شديدين الشيء الذي أدخل الفزع والخوف في صفوف الأساتذة وكل أعضاء الأسرة التربوية الموجودين بالمعهد . ولم ينته تدخلهم في الشأن التربوي بهذه الطريقة الفظة فقط بل اعتدوا لفظيا على الممثل النقابي وأكالوا له الشتائم لما أمرهم بمغادرة المعهد في اطارالقيام بمهامه ومسؤوليته النقابية دفاعا عن حرمة المؤسسة التربيوية وعن كرامة الأساتذة .ومباشرة اثرهذا العمل الهمجي الذي تمثل في اقتحام المعهد والتهجم على أعضاء الأسرة التربوية والنيل من كرامة المدرسين والموظفين والعاملين دخل الأساتذة في اضراب احتجاجي لمدة ساعتين . أما المثال الثاني ففي المدرسة الاعدادية بالمروج الخامس حيث اعتدي تلميذ على أستاذه بالعنف الشديد مما تسبب له في أضرارمادية الى جانب الضرر المعنوي. وفي مدرسة ابتدائية بجهة رادس دخل عون أمن متوعدا المعلمة التي رفضت قبول ابنته متأخرة بعشرين دقيقة بعد الساعة الثامنة صباحا بالوعد والوعيد مهددا اياها بكلام فاحش وسوقي بالرغم من أنها داخل القسم أثناء مباشرتها لعملها وأمام مرأى ومسمع من التلاميذ وبحضورالمديروالمفقد الذي تعرض لعنف مادي شديد خلف له بعض الأضرار. فالى متى يتواصل هذا التعدي على كرامة المدرسين أساتذة ومعلمين ؟ والى متى يبقى المدرسون عرضة لمثل هذه الممارسات المتخلفة والدنيئة التي تنال من سمعتهم ومن هيبتهم ؟ والى متى تشن في حقهم من حين لآخر تهجمات لا أخلاقية تحط من قيمتهم وتنتهك حرماتهم ؟ ؟ ألا يكفيهم ما يعانونه في القسم من ارهاق وتعب مضني وشديد نتيجة عملهم التربوي والبيداغوجي والمعرفي والعلمي الشاق ؟ ألا يكفيهم ما هم عليه من توتر في القسم في أغلب الأحيان خاصة في العشرية الأخيرة لما تساهلت سلطة الاشراف وتسامحت كثيرا مع التلاميذ في اسناد بطاقات الدخول . فأصبح التلميذ يشعر بالحرية المطلقة يكفي أن يأتي بالولي ستعطى له بطاقة الدخول مهما كان السبب حتى وان كان اعتداءا على كرامة المربي .وحتى في صورة تجاوز الأخلاق التربوية والخطوط الحمراء للسلوك في المدرسة والمعهد لا يقع ايقاف فوري للتلميذ والتحقيق في الموضوع بل يطلب من المدرس أن يذكرأدق التفاصيل لما قام به التلميذ ولا تقتنع الادارة بمجرد الاشارة للخطأ الذي ارتكبه التلميذ والذي يمكن أن يتسبب في العديد من المشاكل سواء في القسم أوخارجه فتطلب من المدرس أن يقدم تقريرا مفصلا وكأنه في مركز شرطة . هذا أيضا ترك الباب مفتوحا لفائدة التلميذ والولي الشيء الذي شجع بعض التلاميذ والأولياء الى التهجم على أعضاء الأسرة التربوية والاعتداء عليهم لفظيا وماديا .وفي هذا الجو السائد والذي طغى فيه التسيب وعدم الانضباط لا بد من توفير الحماية اللازمة للأسرة التربوية وذلك بمراجعة القانون التأديبي الذي ترك الباب مفتوحا في الاجتهاد لصالح التلميذ والولي وهكذا يحرم المربون من سلطة قانونية صارمة في الردع لكل التجاوزات اللاأخلاقية التي تحيط بالعملية التربوية . وفي الختام لايسعنا الا أن نطالب النقابات العامة للتربية والتعليم بأن تقف وقفة حازمة ضد ما يهدد المدرسين في عملهم التربوي والعلمي من تجاوزات خطيرة وتسيب مرعب لا يزال الأستاذ والمعلم والقيم والموظف وحتى الاداري يدفع ثمنه باهضا . انه لمن أوكد الواجبات أن يعمل المدرس في مناخ تربوي سليم وآمن يحفز جيل الغد الى النهل من حقل التربية و العلم والمعرفة .انه لمن أوكد المطالب النقابية التي نراها ملحة الى جانب المطالب المادية هي استرجاع كرامة المربي كاملة غير منقوصة حتى نقضي على الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء التسيب التربوي سواء في القوانين أو في البرامج أو في الهياكل الادارية المسيرة والمشرفة أو داخل المحيط التربوي. فهذا مطلب وطني يجب أن يحظي بالاهتمام اللازم من طرف نقابات الترية والتعليم وخاصة من النقابتين العامتين للتعليم الثانوي والأساسي . ان الظروف الصعبة التي أصبح المدرس يشتكي منها في عمله باسمرار في هذه السنوات الأخيرة تجعل من هذا المطلب يحظى بالأولوية اللازمة الى جانب المطالب المادية .فلماذا لا تكون نقابتي التعليم الأساسي والثانوي مرصدا وطنيا يشرف على هذه التجاوزات احصاءا وتحقيقا ودراسة ثم تقدم الى سلطة الاشراف كمطلب معنوي ومادي يهم الشأن التربوي بصفة عامة كمصلحة وطنية ويهم القائمين عليها من معلمين وأساتذة بصفة خاصة ؟.

عن ساحة حوار : لا للتسيب في المؤسّسات التربوية - محمد العيادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق